مُحَمَّد ... الرَّحِيم بالحيوانات
في القرن العشرين حثت منظمة "بيتا" (1) وهي منظمة الأشخاص الذين يطالبون
بمعاملة مساوية للحيوانات- علي حماية الحيوانات من الأذي لأن الحيوان ليس ملكًا
للإنسان يتصرف فيه كما شاء ،ورفضت استخدام الحيوانات في المأكل والمشرب والركوب وأي
صورة من صور الانتفاع بها.
في القرن السابع حث "محمد" أصحابه علي عدم إيذاء
الحيوانات والرفق بها مع انتفاعهم وقضاء حاجاتهم منها في توازن يدعو للعجب بشخصية هذا الإنسان الذي
سبق العلم برحمته منذ قرون عديدة ، و أوضح كيفية الانتفاع بالحيوانات مع مراعاة
الرفق بها في كل الأحوال، نختص بعض هذه المواقف علي سبيل المثال لا الحصر .
********************
في المأكل والمشرب
v كان الرسول "محمد" يطعم القطة ويسقيها الماء ،
وقد روي لأصحابه عن امرأة عذبت القطة فكان جزاؤها النار فقال:
"دخلت امرأة النار في هرّة حبستها، فلا هي أطعمتها،
ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض".(2)
v وحين رأى شاةً جائعةً، بينما يأكل التمر، أطعمها نوى التّمر
بيده .
v و رأى جملا في عينيه الدموع فمسح دموعه، فسكت الجمل، فسأل
من صاحب هذا الجمل؟ فقال رجل: هذا لي يا رسول الله.
فقال له : "ألا تتّقي الله في هذه البهيمة التي ملّكك
الله إيّاها، فإنّه شكاكَ أنّك تجيعه وتدميه".(3)
________________________________________________________________
(1)"People for the Ethical
Treatment of Animals" = PETA منظمة أمريكية تأسست عام 1980م.
(2) الراوي : عبدالله
بن عمر | المحدث : الألباني | المصدر : غاية
المرام،
الصفحة أو الرقم: 477 | خلاصة
حكم المحدث : صحيح.
(3) الراوي : عبدالله
بن جعفر بن أبي طالب | المحدث : أحمد
شاكر | المصدر : مسند
أحمد،
الصفحة أو الرقم: 3/195 | خلاصة
حكم المحدث : إسناده
صحيح.
وحكي
لأصحابه قصة الرجل الذي سقي الكلب فدخل الجنة ، فقال لهم: "بينما رجلٌ يمشي بطريقٍ
اشتدَّ عليه العطشُ، فوجد بئرًا، فنزل فيها فشَرِبَ، ثم خرج فإذا كلبٌ يلهثُ، يأكلُ
الثَّرَى من العَطشِ، فقال الرَّجلُ: لقد بلَغَ هذا الكلبُ من العطشِ مثلَ الذي كان
قد بلَغَ منِّي، فنزل البئرَ فملأ خُفَّه ماءً، ثم أمْسكَه بفِيه، حتَّى رَقَى فسَقَى
الكلبَ، فشَكَرَ له، فغَفَرَ له"قالوا: يا رسولَ اللهِ إنَّ لنا في البهائمِ أجرًا؟
فقال: "في كلِّ كبدٍ رطبةٍ أجر"(4)
في الركوب
إن الإنسان في زمن الرق و العبودية كان مسلوبَ الحق طالما
ملكه شخصًا آخر ،وبعد هذا الزمن وإلي يومنا هذا هناك بعضٌ من الناس يتخذون الدواب ،كاتخاذ
العبيد لا يأبهون بثقل الحِمل عليها -وإن كانت مريضة- أو بحقها في الرعي ، ومن صور
إيذاء الدابة أيضًا ركوب الإنسان عليها بغير داعٍ للسفر أو حمل الأمتعة ولكن يركبون
عليها ويتحادثون ظنًا منهم أن الحيوانات قد جُبلت لذلك، لكن الرسول في هذا الزمن البعيد
نهي عن كل ما يضر الدواب وأوضح التعاليم الصحيحة في التعامل معها،
v
فصرّح بركوب الدواب وهي في أتم صحتها ليس بها علة ونهي
عن اتخاذها مجلسا حين مر علي قوم فقال لهم
"اركبوها سالمة ودعوها سالمة ولا تتخذوها كراسي لأحاديثكم
في الطرق والأسواق " .(5)
v ومر ببعير قد لصق
ظهره ببطنه، فقال:
«اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة، فاركبوها صالحة، وكلوها
صالحة»(6)
___________________________________________________
(4) الراوي
: أبو هريرة | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان،
الصفحة أو
الرقم: 544 | خلاصة
حكم المحدث : أخرجه
في صحيحه.
(5) الراوي : معاذ
بن أنس | المحدث : السيوطي | المصدر : الجامع
الصغير،
v
كما نهى عن الوقوف على الدابة حيث قال:
«إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر، فإن الله إنما سخرها
لكم لتبلغكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس».(7)
v
وأمر بإعطاء الحيوانات الوقت الكافي للرعي ولو كان ذلك في السفر، قال:
«إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حظها من الأرض».(8)
********************
في مراعاة الشعور
-في
دراسةٍ أجريت علي الطيور المصابة عام 2000م وجدوا أنها تفضل الطعام الذي يحتوي علي
مواد مُسكنة للألم عن الطعام العادي مما يدل علي ودود مستقبلات الألم التي تجعلها
تشعر بالألم وتجعلها أيضًا تشعر بالراحة بعد وصول الدواء لأجسادها .
(7) الراوي : أبو
هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة
الصحيحة،
الصفحة أو
الرقم: 2703 | خلاصة
حكم المحدث : أخرجه
في صحيحه.
(9) جون
جونزالفو: عالم الأحياء البحرية.
"من فجعَ هذه في ولدها؟ ردّوا وليدها إليها".(10)
ورأى قرية نمل قد حرقوها، فقال: من حرق هذا؟ قالوا
"نحن" .فقال:
"لا ينبغي أن يعذِّب بالنّار إلا ربّ النار".(11)
في الذبح
لقد أثبتت التجارب العلمية التي أجريت علي الحيوانات
حديثًا أن "الذبح "يعتبر
الطريقة المثلي التي ترحم الحيوان من الألم عند موته ! فقطع العروق الدموية من
مقدمة الرقبة تجعل الحيوان يدخل في حالة من الإغماء لا يشعر بعدها بشيء نهائيًا،
أما عن التشنجات التي تحدث للحيوان بعد الذبح فهي بسبب أن الجهاز العصبي لا يزال
يرسل الإشارات العصبية المسئولة عن هذه الحركات لكنه لا يشعر بها . ثم إن تصفية
الذبيحة من الدماء يعتبر أفضل طبيًا للوقاية من خطر الجراثيم التي تنمو في الدماء
فلا تصيب الإنسان عند أكله من لحوم الحيوانات.
وفي
تجربة أجريت علي مجموعة من الحيوانات بعضها تم ذبحها وبعضها تم صعقها ثم رصد
الإشارات الكهربية التي تحدد حالة الدماغ والقلب فوجدوا ان القراءة لم تتغير في
حالة الذبح وأن الحيوان لم يشعر بأي ألم ، في حين أن الحيوانات التي تم صعقها
تغيرت قراءتها حيث أنها تعرضت لألم شديد بعد الصعق.
___________________________________________
الصفحة أو الرقم: 2268 | خلاصة
حكم المحدث : صحيح.
والاستنتاج
ان الذبح هو الطريقة الرحيمة ، وهو ما أمر به الرسول "محمد" بل وزاد
عليه بعض التعليمات حرصًا منه علي نفسية الحيوان قبل ذبحه أيضًا ّ!فأمر بالرفق
بالحيوانات عند ذبحها، ونهي أن يتم الذبح في وجود حيوان آخر حتي لا يخاف أو يحزن ،وأمر
باستخدام آلة حادة لتسهل الذبح دون عناء للحيوان، كما نهى أن تحد آلة الذبح أمامها
حتي لا تتأذي نفسيًا ...
v
قال النبي في الذبح:
" إن الله كتب الإحسان على كل شيء،
فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، فليرح
ذبيحته ".(12)
v وحين رأي رجلا أضجع شاة وهو يحد شفرته، قال له :
"أتريد أن تميتها موتات، هلا أحددت شفرتك قبل أن تضجعها"(13)
v كما أمر بالرحمة حتي عند ذبح الطيور الصغيرة فقال :
" من رحم ولو ذبيحة عصفور، رحمه الله يوم القيامة "(14)
حقًا قد جاء هذا النبي بالرحمة لجميع المخلوقات ، لقد شملت رحمته الإنسان
والحيوان ،والطير والجماد . فكلمة "العالمين" في اللغة العربية هي جمع
كلمة "عالم" وهي المجموعة من الخلق ، وعالم الحيوان قد اتسعته هذه الرحمة
الوفيرة ، ولنا في رحمة الرسول أسوة حسنة يُقتدي بها في شتي المعاملات . فنستن
بسنته ونرحم الحيوان والطير، ونتجنب إيذاء المخلوقات الضعيفة ، وإن سيرته العطرة
مليئة بالرحمة التي فاقت كل هذه الكلمات ولو تأملنا فيها لوجدنا الكثير والكثير ،
فأقبلوا عليها بصدر رحب .
_____________________________________________________________
(12) الراوي : شداد
بن أوس | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح
مسلم،
الصفحة أو
الرقم: 1090 | خلاصة
حكم المحدث : صحيح .
(14) الراوي : أبو
أمامة الباهلي | المحدث : السيوطي | المصدر : الجامع
الصغير،
الصفحة أو
الرقم: 8678 | خلاصة
حكم المحدث : صحيح.
إرسال تعليق